وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رسالة الى
المشاركين في ندوة حول تطور جيش التحرير أثناء ثورة الفاتح نوفمبر المنظمة بمناسبة
إحياء الذكرى 51 لعيد النصر.
فيما يلي نصها الكامل
:
أيتها السيدات الفضليات
أيها السادة الافاضل
إننا ونحن نحيي الذكرى الواحدة والخمسين لإعلان وقف القتال والظفر بالنصر المؤزر نتذكر بخشوع وإجلال ذلك الرعيل من الرجال والنساء الأفذاذ رعيل نوفمبر العظيم.
لولا ذلك الجيل الذي كان على قلب رجل واحد إيمانا ويقينا وصِدق غاية وقوة عزيمة ووحدة موقف ما كان ليوم 19 مارس 1962 ليشرق علينا فجره.
فحقيق بنا اليوم أن نعود بمشاعرنا وان نعبر عن عرفاننا لكل أولئك الذين جاهدوا حق الجهاد غير آبهين بالشدائد والأهوال الى أن خلصوا الوطن والعباد من ذلكم الاستدمار البغيض وأنقذوا أبناء أمتهم من جحيم ظلوا يسامون فيه ابشع القهر واشد العذاب والهوان .
إن هذه المناسبة فرصة متجددة لا لاستعادة الذكريات وتمتين الروابط مع تاريخنا وكفاحنا فحسب بل ومراجعة الذات وتمتين عرى الانتساب والتدبر والاعتبار .
كان يوم 19 مارس 1962 محطة مفصلية في التاريخ الجزائري ينطوي على مدلول قيمي كبير وعلى زاد نفيس من الدروس والعبر التي يتعين على الجيل الجديد أن يتزود منه ويستفيد به .
في مثل هذا اليوم افتكت الأمة ما أرادته وبالقدر الذي يتكافأ مع ما تكبدته من الويلات وما بذلته من المهج والتضحيات ووفق الخطة التي سارت عليها ثورة التحرير من وحدة التراب الوطني، واستقلال يشمل السيادة الكاملة للدولة الجزائرية ووحدة شعب عريق أجبر المحتل على الاعتراف به كأمة واحدة موحدة منسجمة في انتماء حضاري واحد.
كان النصر الذي نحتفل بذكراه اليوم ايذانا لبداية مسار تاريخي جديد يتمثل في الكفاح من اجل البناء والتعمير يستلهم عزيمته من تلك الروح التي حدت مسيرة استرجاع السيادة الوطنية وتخليص الوطن من الاحتلال الأجنبي.
فلقد أثبتت تلك الروح أهميتها عندما حصنت الانتصار ذاته من المحاولات التي كانت تطمح الى الإلتفاف عليه وكان حضورها خير معين على تحقيق الأهداف التي كانت ترمي الى التخلص من مخلفات الاستعمار وهي مهمة لا تقل شأنا ولا خطورة عن الكفاح من أجل التحرر ذاته .
إن المحافظة على هذه الروح وابقاء جذوتها متأججة هي اليوم ضرورة كما كانت بالامس وأن نوعية العمل الوطني الذي يجري انجازه يفرض التسلح بروح الوطنية علما ان صون مصلحة البلاد ليس شعارا للاستهلاك بل ضرورة حيوية ومصيرية .
يحق لكل جزائري ولكل جزائرية أن يختار الاتجاه الذي يحقق به ذاته، ومن واجب الدولة أن تحميه وتضمن له حرية الانتساب والحق في التعبير عن قناعاته والدعاية لها. لكن عندما يتعلق الأمر بالوطن وبمصيره وسلامته وحرمته وسيادته، فاننا نلتزم كلنا بالموقف الواحد, وهو لا يصطدم بأي حال مع التجديد والاصلاح، كما لا يرتبط إلزاميا بنموذج محدد من أنماط الحكم أو التنظيم المؤسساتي أو منظومة العلاقات الاجتماعية .
واذا كان من حق الناس أن يعملوا وأن يختلفوا كيفما يشاؤون فان هناك سقفا لا يسوغ لأحد أن يتطاول أو يعلو عليه إنه سقف الوطن الذي لا يكون الولاء إلا له.
بالأمس القريب كانت حمولة الانتصار الذي حققناه بالدم والروح الوطنية السخية المتوارثة عبر الاجيال هي التي ساعدتنا على تجاوز المحن والابتلاءات بما في ذلك ما عشناه إبان عشرية البغي والدمار. هذا التراث الطيب ذاته هو الذي حول فقدان التوازن الى طاقة مقوية، مكنت الوطن من ان يعود الى واحة السكينة والمصالحة والالتحام والوحدة بنفس القوة والى استئناف مسار التنمية والنهوض على اقوى الرواسي وأفضل المسالك بما يتسق مع التصور الذي وضعه الاشاوس من الرجال والنساء الذين افتكوا لنا هذا النصر المبين.
إننا جميعا بذلنا ما في الوسع طوال السنوات الماضية من اجل تدارك ما فات وتوفير اسباب الانتقال الفعلي الى مرحلة جديدة في مجال البناء. ولعل ما حققناه من منشآت قاعدية كبرى وما انجزناه في مختلف ميادين الاعمار والطرق وحشد الموارد المائية والتعليم والصحة وغيرها، وما قمنا به من صون لمقدرات الدولة وحماية لمواردها هي شواهد اثبات على هذا الجهد وعلى أن هناك من ابناء هذا الوطن من يعمل بوعي وبملء الشعور بالسمؤولية والاخلاص .
مع هذا لا ينبغي البتة أن ننساق الى الانغماس في الرضا عن الذات أو الشعور بأننا حققنا كل ما نريد تحقيقه. فعملية التطوير رهن بالزمن حيث لا تتوقف إلا اذا توقف. وهناك جوانب من التقصير والأخطاء التي رافقت عمليات انجاز بعض المشاريع منها ما يجد عذره لأسباب عديدة ومنها ما يجب الوقوف عنده ومحاسبة المقصرين فيه مهما كانت مناصبهم.
إن بلادنا وهي تبذل جهودها وتعمل بعزيمة وطنية صادقة على توظيف جميع امكانياتها وحماية ثرواتها وتنويع مصادر دخلها بحاجة الى كفاءات ابنائها في المقام الأول والكفاءة المطلوبة لا تقتصر على المهارة التقنية والتحكم في مجال النشاط بل ينبغي ان يتعدى ذلك الى التقيد بواجبات المسؤولية وبفريضة صون الامانة وترجمة ذلك بالاخلاص ونظافة اليد ومراعاة مصلحة البلاد أولا وأخيرا .
إن المشاريع الكبرى وورشاتها الموزعة في كل ارجاء الجزائر تحتاج الى هذا الصنف من الكفاءات المخلصة وتحتاج الى من يوصلها الى غايتها المنشودة بأقل الخسائر فهي مشاريع تبنى بثروات الأمة ولصالح الأمة, وهي امانة ثقيلة .
أما فيما يتعلق بمحاولات الإثراء بغير وجه حق وعلى حساب المال العام وحقوق المجموعة الوطنية فإن سلطان القانون سيكون الفاصل والفيصل وان الدولة عاقدة العزم على فرض الجدية والنزاهة في العمل ولن تتوانى اطلاقا عن محاسبة كل من تثبت ادانته قانونيا مع الحرص على استعادة الحقوق المغتصبة.
وأحسب أن العدالة هي الآن من الكفاءة ما يجعلها قادرة على المتابعة.
إن كل ما يحيط بنا من الواجبات يملي على الدولة ان تكون قوية مهابة تمارس سلطتها الكاملة في كنف قوانين الجمهورية وبالشكل الذي يعزز اطمئنان الجميع الى قدراتها على حماية الناس في أرواحهم وأرزاقهم وكرامتهم.
كل عام وانتم بخير.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها السادة الافاضل
إننا ونحن نحيي الذكرى الواحدة والخمسين لإعلان وقف القتال والظفر بالنصر المؤزر نتذكر بخشوع وإجلال ذلك الرعيل من الرجال والنساء الأفذاذ رعيل نوفمبر العظيم.
لولا ذلك الجيل الذي كان على قلب رجل واحد إيمانا ويقينا وصِدق غاية وقوة عزيمة ووحدة موقف ما كان ليوم 19 مارس 1962 ليشرق علينا فجره.
فحقيق بنا اليوم أن نعود بمشاعرنا وان نعبر عن عرفاننا لكل أولئك الذين جاهدوا حق الجهاد غير آبهين بالشدائد والأهوال الى أن خلصوا الوطن والعباد من ذلكم الاستدمار البغيض وأنقذوا أبناء أمتهم من جحيم ظلوا يسامون فيه ابشع القهر واشد العذاب والهوان .
إن هذه المناسبة فرصة متجددة لا لاستعادة الذكريات وتمتين الروابط مع تاريخنا وكفاحنا فحسب بل ومراجعة الذات وتمتين عرى الانتساب والتدبر والاعتبار .
كان يوم 19 مارس 1962 محطة مفصلية في التاريخ الجزائري ينطوي على مدلول قيمي كبير وعلى زاد نفيس من الدروس والعبر التي يتعين على الجيل الجديد أن يتزود منه ويستفيد به .
في مثل هذا اليوم افتكت الأمة ما أرادته وبالقدر الذي يتكافأ مع ما تكبدته من الويلات وما بذلته من المهج والتضحيات ووفق الخطة التي سارت عليها ثورة التحرير من وحدة التراب الوطني، واستقلال يشمل السيادة الكاملة للدولة الجزائرية ووحدة شعب عريق أجبر المحتل على الاعتراف به كأمة واحدة موحدة منسجمة في انتماء حضاري واحد.
كان النصر الذي نحتفل بذكراه اليوم ايذانا لبداية مسار تاريخي جديد يتمثل في الكفاح من اجل البناء والتعمير يستلهم عزيمته من تلك الروح التي حدت مسيرة استرجاع السيادة الوطنية وتخليص الوطن من الاحتلال الأجنبي.
فلقد أثبتت تلك الروح أهميتها عندما حصنت الانتصار ذاته من المحاولات التي كانت تطمح الى الإلتفاف عليه وكان حضورها خير معين على تحقيق الأهداف التي كانت ترمي الى التخلص من مخلفات الاستعمار وهي مهمة لا تقل شأنا ولا خطورة عن الكفاح من أجل التحرر ذاته .
إن المحافظة على هذه الروح وابقاء جذوتها متأججة هي اليوم ضرورة كما كانت بالامس وأن نوعية العمل الوطني الذي يجري انجازه يفرض التسلح بروح الوطنية علما ان صون مصلحة البلاد ليس شعارا للاستهلاك بل ضرورة حيوية ومصيرية .
يحق لكل جزائري ولكل جزائرية أن يختار الاتجاه الذي يحقق به ذاته، ومن واجب الدولة أن تحميه وتضمن له حرية الانتساب والحق في التعبير عن قناعاته والدعاية لها. لكن عندما يتعلق الأمر بالوطن وبمصيره وسلامته وحرمته وسيادته، فاننا نلتزم كلنا بالموقف الواحد, وهو لا يصطدم بأي حال مع التجديد والاصلاح، كما لا يرتبط إلزاميا بنموذج محدد من أنماط الحكم أو التنظيم المؤسساتي أو منظومة العلاقات الاجتماعية .
واذا كان من حق الناس أن يعملوا وأن يختلفوا كيفما يشاؤون فان هناك سقفا لا يسوغ لأحد أن يتطاول أو يعلو عليه إنه سقف الوطن الذي لا يكون الولاء إلا له.
بالأمس القريب كانت حمولة الانتصار الذي حققناه بالدم والروح الوطنية السخية المتوارثة عبر الاجيال هي التي ساعدتنا على تجاوز المحن والابتلاءات بما في ذلك ما عشناه إبان عشرية البغي والدمار. هذا التراث الطيب ذاته هو الذي حول فقدان التوازن الى طاقة مقوية، مكنت الوطن من ان يعود الى واحة السكينة والمصالحة والالتحام والوحدة بنفس القوة والى استئناف مسار التنمية والنهوض على اقوى الرواسي وأفضل المسالك بما يتسق مع التصور الذي وضعه الاشاوس من الرجال والنساء الذين افتكوا لنا هذا النصر المبين.
إننا جميعا بذلنا ما في الوسع طوال السنوات الماضية من اجل تدارك ما فات وتوفير اسباب الانتقال الفعلي الى مرحلة جديدة في مجال البناء. ولعل ما حققناه من منشآت قاعدية كبرى وما انجزناه في مختلف ميادين الاعمار والطرق وحشد الموارد المائية والتعليم والصحة وغيرها، وما قمنا به من صون لمقدرات الدولة وحماية لمواردها هي شواهد اثبات على هذا الجهد وعلى أن هناك من ابناء هذا الوطن من يعمل بوعي وبملء الشعور بالسمؤولية والاخلاص .
مع هذا لا ينبغي البتة أن ننساق الى الانغماس في الرضا عن الذات أو الشعور بأننا حققنا كل ما نريد تحقيقه. فعملية التطوير رهن بالزمن حيث لا تتوقف إلا اذا توقف. وهناك جوانب من التقصير والأخطاء التي رافقت عمليات انجاز بعض المشاريع منها ما يجد عذره لأسباب عديدة ومنها ما يجب الوقوف عنده ومحاسبة المقصرين فيه مهما كانت مناصبهم.
إن بلادنا وهي تبذل جهودها وتعمل بعزيمة وطنية صادقة على توظيف جميع امكانياتها وحماية ثرواتها وتنويع مصادر دخلها بحاجة الى كفاءات ابنائها في المقام الأول والكفاءة المطلوبة لا تقتصر على المهارة التقنية والتحكم في مجال النشاط بل ينبغي ان يتعدى ذلك الى التقيد بواجبات المسؤولية وبفريضة صون الامانة وترجمة ذلك بالاخلاص ونظافة اليد ومراعاة مصلحة البلاد أولا وأخيرا .
إن المشاريع الكبرى وورشاتها الموزعة في كل ارجاء الجزائر تحتاج الى هذا الصنف من الكفاءات المخلصة وتحتاج الى من يوصلها الى غايتها المنشودة بأقل الخسائر فهي مشاريع تبنى بثروات الأمة ولصالح الأمة, وهي امانة ثقيلة .
أما فيما يتعلق بمحاولات الإثراء بغير وجه حق وعلى حساب المال العام وحقوق المجموعة الوطنية فإن سلطان القانون سيكون الفاصل والفيصل وان الدولة عاقدة العزم على فرض الجدية والنزاهة في العمل ولن تتوانى اطلاقا عن محاسبة كل من تثبت ادانته قانونيا مع الحرص على استعادة الحقوق المغتصبة.
وأحسب أن العدالة هي الآن من الكفاءة ما يجعلها قادرة على المتابعة.
إن كل ما يحيط بنا من الواجبات يملي على الدولة ان تكون قوية مهابة تمارس سلطتها الكاملة في كنف قوانين الجمهورية وبالشكل الذي يعزز اطمئنان الجميع الى قدراتها على حماية الناس في أرواحهم وأرزاقهم وكرامتهم.
كل عام وانتم بخير.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.